سبع قواعد كلية للتفكير السليم:

سطعت شمس الإسلام على شبه الجزيرة العربية وانتشرت منه لما حولها؛ أصبح للمرأة مكانة مميزة، وحقوق واضحة، وحظ وافر في النهضة بالأمة، وسهم نافذ في صدور أعدائها.

ولكن قبل أن تخوض هذا البحر الزاخر؛ وليسهل عليكِ أي وقت رد أي فكرة دخيلة تُسوَّلُ لكِ أو تزينها لكِ جيوش الفساد وجنود إبليس المتربصين بكِ عند كل مدخل معلوماتي؛ يجب أن نؤسس أصول للتفكير ننطلق منها:

  • أليس أول ما تفعليه عند شراء جهاز حديث قراءة كتيب التعليمات؟ بلى؛ لكن لماذا؟ لأن صانعه هو أدرى به وبأنسب استخدام له لتتجنبي إتلافه ولتستثمري جميع إمكاناته. ممتاز؛ ولله المثل الأعلى:

    {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك – 14]

الأصل الأول: الخالق وحده سبحانه الأعلم بما خلق؛

الخالق وحده هو سبحانه وحده الأعلم بما خلق ولذلك فأوامره كلها سبحانه عن علم وخبرة، وأحكامه كلها عدل، وشريعته كلها مبناها وأساسها على الحكمة ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي ‌عدل ‌كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها. سبحانه الأعلم بنا من أنفسنا، الرحيم، الحكيم الخبير. ومن مصلحة البشر التسليم لرب العالمين والالتزام بتشريعاته لينجحوا في الحياة الدنيا ويفلحوا في الآخرة. قال تعالى:

{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة – 38]
وقال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} [طه – 123].

العليم الحكيم وحده سبحانه هو الأعلم بقدرات كل مخلوق وما يوافقه من مهام ومسؤوليات، لكن أغلب البشر يخلطون بين مفاهيم (العدل، والمساواة).
  • لو أنتِ معلمة في فصل، أو أم بين أبنائها؛ ألن تعطي كل طفل حقوق وتطالبيه بواجبات بحسب عمره وقدراته واحتياجاته البدنية والنفسية؟ هل حينها تكون المساواة أفضل أم العدل؟ بالطبع العدل أفضل. إذًا:

الأصل الثاني: العدل خير من المساواة

فالإسلام دين العدل، والله تعالى الحكيم العليم؛ ومن الحكمة وضع الشيء في موضعه المناسب بالقدر المناسب. والعدل هو أقسط وأرقى من المساواة. وهذه شهادة غربية بخطورة المساواة بينهما في التعليم!

المفهوم الصحيح لمصطلحي (العدل، والمساواة).
  • ما المصادر الموثوقة لمعرفة أحكام الله تعالى وأوامره؟ أكيد ستتفقين معي أن مصادر التشريع الثقة هي الوحي. أليس كذلك؟

الأصل الثالث: الوحي مصدر التشريع

أي مسلم لن يثق إلا بالوحي (القرآن الكريم، السنة النبوية الصحيحة) مصدرًا للتشريع واستنباط الأحكام منهما يجب أن يكون منضبط بتطبيق النبي ﷺ لها وبفهم الصحابة لأنهم أعلم الناس باللغة العربية التي نزل بها الوحيين، وكذلك لأنهم يعلمون الأحداث التي صاحبت نزول الأحكام. فهم أدرى الناس بتطبيقها.

  • كلنا نقول نحن مسلمون؛ ولكن هل تعلمين ما معنى كلمة إسلام؟ الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والتبرؤ من الشرك وأهله. الله هو ربنا؛ فهو خالقنا ورازقنا ومالكنا ومدبرنا سبحانه؛ ولما له من كمال الربوبية فحقه علينا كمال الاستسلام له وحده.

الأصل الرابع: الإسلام هو الاستسلام لرب العالمين

قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}
وقال الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
وما الحياة الدنيا إلا دار اختبار لنصل لدار القرار، فالحكيم فيها من اغتنمها لإعداد الزاد ليوم المعاد. وبالتالي من يريد الحياة الحقيقية في دار السلام – حيث لا نصب ولا هم ولا حزن ولا تعب، ولا حر ولا برد ولا جوع ولا عطش ولا فقد ولا … إلخ؛ سلام من كل ما يسوء العبد المؤمن – أكيد سيكون حكيمًا بما يكفي أن يقول سمعنا وأطعنا لكلام ربه ومولاه حتى لو لم يفهم مراد الله من هذا الأمر بسبب قصور عقله البسيط عن الإحاطة بعلم الله العظيم. أليس كذلك؟

  • هل لو مرضتِ تأخذين وصفة أي أحد؟ أم تظلين تسألين وتستشيرين حتى تعرفين طبيبة ثقة خبرة لتذهبي لها؟ بل ربما ذهبتِ لأكثر من طبيبة لتتأكدي من صحة التشخيص، أليس كذلك؟ وهذا في الحفاظ على سلامة جسد فاني؛ فما بالكِ بمآل جنة خالدين فيها أو غير ذلك والعياذ بالله!!

الأصل الخامس: إن هذا الأمر دين فلننظر عمن نأخذ ديننا

لأن السلامة في الدين أهم بكثير من سلامة البدن. فلا تسلمي لكل ناعق يتشدق بالدين والدين منه براء.

  • لو بذلتِ وسعكِ لوضع قواعد لبيتكِ بالحكمة والرحمة؛ ثم قدرًا كان أحد أبنائكِ متمرد على قواعدكِ ودومًا يفعل عكس ما تربينه عليه! هل هذ يقدح في قواعدكِ؟ بالطبع كلا.

الأصل السادس: الدين حاكم على البشر وليس الدين محكوم بتصرفاتهم

فلا يجب الخلط بين استخدام البشر للأحكام الشرعية بطريقة خطأ مسيئة للإسلام، ومحاسن التشريع المؤصلة عقلًا وفطرةً وعرفًا ودينًا. أقدر شعوركِ وأتخيل كم الضغط النفسي الذي عليكِ بسبب بعض الرجال الذين يطبقون الدين تبعًا لأهوائهم؛ ويأخذون ببعض الكتاب ويتركون البعض الآخر. لكن هذا لا علاقة له بالدين ولا تشريع الحكيم العليم. فأرجو تفصلي بين بعض الممارسات الخاطئة – وإن كانت منتشرة – بالحق المبين الذي نزل به الروح الأمين على قلب خير خلق الله أجمعين ﷺ.

  • هل ذاك الذي يعيش أسير لرأي الناس حر حقًا؟ أو تلك أسيرة الموضة حتى لو مبتذلة؛ أو هذا الأسير للمال يدور في مداره سواء كان من حلال أم حرام، هل هم أحرار حقًا؟

الأصل السابع: الحرية الحقيقية هي التحرر من العلائق الدنيوية والعبودية لله وحده

فيتحرر المسلم من كل ما يستعبد البشر (شهرة، مال، سلطة، أشخاص، أفكار، … إلخ) ليكون المسلم: واحدًا لواحدٍ في طريق واحد. والحرية في الإسلام تنطلق من عقيدة وفكر وسط لا إفراط فيه ولا تفريط، فهي حرية مسئولة ” لا ضرر ولا ضرار “. وهذه الحرية المسئولة لا يقوم بتحديدها إنسان ضعيف تتنازعه الأهواء والميول ويترصده شيطان، فالشعوب في الإسلام ليست حقل تجارب تخضع لتطورات الفكر الإنساني الذى يتسم بالتطور وعدم الثبات طبقًا للظروف والملابسات!! ومن ثم فإن الإسلام قد وضع إطارًا عامًا لحرية الإنسان، إطاراً يتسم بالثبات والمرونة في الوقت ذاته، إطارًا وضعه خالق الإنسان، إطارًا يضمن صلاح الفرد والجماعة.

ومما زادني شـــــــرفـــــــــــًا وتيهــــــــــــًا *** وكدتُ بأخمصي أَطـــــــــــــأ الثريَّــــــــــــــا
دخـــولي تحت قولك: {يــــا عبـــــــــادي} *** وأن صــــــــيَّرت أحـــــمـــــــد لي نبــيِّا

القاضي عياض


مكانة المرأة الحقيقية في الإسلام:

                لما نزل الوحي الإلهي أحيا النفوس وأنار حياتها بالتشريع الإسلامي؛ وهنا تعالي أُخيتي نتجول في ربوع التشريع الإسلامي ومحاسنه؛ لنعلم يقينًا رحمة رب العالمين وعظيم حكمته وعلمه، ولنرى كيف أعلى مكانة المرأة وحفظ لها جميع حقوقها كاملة وزيادة.

المرأة عمومًا من جنس البشر الذين كرمهم الله تعالى بأن أسجد ملائكته لأبوهم آدم، وسخر لهم الكون بما فيه من: (سماوات، وأرض، وهواء وماء، وجميع المخلوقات الحية والجامدة)، كرم البشر (ذكر وأنثى) بالعقل والعلم وحرية الاختيار بين الخير والشر. أكرم الإسلام المرآة حين جعلها صْنَو الرجل وشقيقته فلم يفرق بينهما في أركان الإسلام شرائعه إلا فيما يخص المرآة. وجعل لها من الحقوق مثل ما للرجل فقال تعالى :

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ}

وتلك الدرجة هي درجة الرعاية لهن والحماية أو درجة الإنفاق عليهن وقيل القوامة والحراسة لهن. أما في الحقوق والواجبات:

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
  • لقد كرمها الإسلام (جنينًا)؛ فللجنين في الإسلام كامل الحقوق: من حسن اختيار الأم، والتأكد من طهارة الرحم، ووجوب المحافظة على صحته، تأخير العقوبة عن أمه حتى يولد، تحريم قتله (الإجهاض الاختياري بدون مبرر شرعي) وله دية، السقط يُغسل ويكفن ويُدفن. حتى أن له حقوق مالية: كالإرث، والوصية، الهبة، الشفعة. ولتنظري في الصورة لنسب الإجهاض في أوروبا وحدها بل وفي العالم ككل!!!
  • وكرمها (رضيعة وطفلة)؛ فلها حسن اختيار الاسم، وعقيقة تُذبح عنها، والتصدق بوزن شعرها فضة، وعقيقة تُذبح عنها، وحق في الرضاعة حولين كاملين والرعاية والكفالة حتى لو انفصل الزوجان، وحق حضانتها لمن يُحسن رعايتها، وحرَّم وأدها (قتلها حية كما أعتاد أن يفعل العرب).
  • وكرمها (بنتًا)؛ فحث على تربيتها وتعليمها وتزويجها الكفء لها وعدم عضلها، فهن المؤنسات الغاليات، وجعل لتربية البنات أجرا عظيمًا، حتى أنه يكون مع الرسول ﷺ في الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى، ويكن له حجابًا من النار. ولو كانت (يتيمة) زاد التشديد على من يظلمها وزاد الأجر والفضل لمن يكفلها.
  • وكرمها (أختًا)؛ فأمر بحسن إعالتها والإنفاق عليه ويوفر احتياجاتها، ويزوجها الكفء لها، والدفاع عن الأخت وصيانة حقوقها على زوجها، وعدم عضلها، ووصلها بالمال والهدية، والحفاظ على ميراثها، بل والتضحية من أجلهن، حتى وإن كان هذا على حساب سعادة هذا الأخ ورغباته (مثلما فعل جابر بن عبد الله رضي الله عنه لما توفى والده شهيدًا وترك له تسعة أخوات بنات فتزوج ثيبًا لتقوم على شؤونهن وتؤدبهن ).
  • وكرمها (زوجةً) فحرَّم كثير من الأنكحة الباطلة التي تهينها، وأوصى بهن الأزواج خيرًا، وأمر بالإحسان في عشرتها، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد عليها درجة؛ درجة تكليف لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة، وبين أن خير المسلمين أفضلُهم تعاملا مع زوجته، وحرم أخذ مالها بغير رضاها، وكانت آخر وصية للرسول ﷺ “الصلاة… الصلاة وما ملكت أيمانكم.” [صحيح ابن ماجة]، ونزل في شأنها سورتان مفصلتان للحفاظ على حقوقها ولأحكام النكاح (سورتي النساء والطلاق).
  • وحتى لو كانت (الزوجة كتابية) لها حقوقها أيضا في الإسلام كالزوجة المسلمة من العدل والإحسان إليها والنفقة وغيرها.
  • وكرمها (أُمًّا) -حتى لو كافرة- فيجب برها وطاعتها -في غير معصية- والإحسان إليها، وجعل رضاها من رضا الله تعالى، وأمر بالتزام قدميها فثمَّ الجنة، أي أن أقرب طريق إلى الجنة يكون عن طريقها، وحرم عقوقها وإغضابها ولو بمجرد التأفف، وجعل حقها أعظم من حق الوالد ثلاث أضعاف، وأكد العناية بها في حال كبرها وضعفها ورتب سوء العاقبة في الدنيا والآخرة على أقل سوء يمس حقها. وأزيدكِ من التكريم عجبًا: ولا ينقطع بِرُّ الأم حتى بعد وفاتها، فهي مُكَرَّمَةٌ حال الحياة، وحال الممات، وذلك بالصلاة عليها والاستغفار لها، وإنفاذ وصيتها، وإكرام أهلها وأصدقائها.
  • وكرمها (أرملة ومطلقة)؛ والأدلة في ذلك لا تحصى، ويكفينا فعل النبي ﷺ وزواجه منهن حفاظًا عليهن. وترتيب الأجر العظيم على رعيتها هي وأبنائها فالساعي عليها كالمجاهد في سبيل الله.
  • و كرمها (خالةً)؛ فجعلها بمنزلة الأم، وجعل برها والإحسان إليها من فضائل الأعمال ومن مكفرات الذنوب.
  • وكرمها (عمةً) وكل باقي وشائج القرابة، فأمر بصلة الرحم، وحث على ذلك، وحرم قطيعتها في نصوص كثيرة تكاد تجعل صلة الأرحام من أركان الإسلام.
  • وحتى كرمها (جارة) -حتى لو كافرة – فحفظ حقوقها وشدد على غض البصر عنها وجعل الزنا مع حليلة الجار من أعظم الذنوب.
  • وكرمها وهي (أمة)، فضيق سبل السبي ومنعها كلها وحصرها في سبي الكافرات في الحرب فقط.
    ورغم أن ذلك قد يكون ظاهره شر إلا أنه كما قال النبي ﷺ: ” عَجِبَ اللَّهُ مِن قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ في السَّلاسِلِ.” [صحيح البخاري].
    حيث كانت تلقى أفضل معاملة كما أمر الإسلام. فيدخل الرقيق في الإسلام طواعيةً حبًا له بعدما أُسروا لأن ذلك الأسر منحهم فرصة الاستماع لكلام الله وتعرفهم على أخلاق الإسلام الرائعة التي كانوا يرونها في التعامل؛ فكان ذلك سبب هدايتهم بفضل الله.
    فجاء الإسلام بتشريع كامل لحقوق الرقيق وأمر بمعاملتهم بالعدل والفضل والإحسان، فتأكل مما يأكل ويكسوها مما يلبس. وكرمهن وحفظ أعراضهن بأن تكون الأمة ملك لشخص واحد فقط على عكس ما كان سائد وقتها حيث كن – قبل الإسلام – يصرن مشاعًا لأي أحد كالبغايا. وحرَّم أن يشترك معه أحد ولا حتى ابنه، وحرَّم إكراهها على البغاء ونزل في ذلك آية في القرآن. ثم أن الإسلام وسَّع المخارج من الرق: فرغَّب في العتق وجعله سببا للنجاة من النار، وأوجب عتق الرقاب في كثير من الكفارات، وجعله كفارة سوء المعاملة، وكذك تتحرر إذا تزوجها سيدها، والأمة إذا ولدت لسيدها كان ذلك سبب لعتقها وسميت (أم الولد)، أو لها حق أن تكاتبه لتحرر نفسها، بل وحتى لها حق من بيت المال حيث أن عتقهم من مصارف الزكاة بإعانتها على سداد ما كاتبته عليه. والآيات والأحاديث والآثار الحاثَّة على عتق الرقاب وفضله والترغيب فيه كثيرة. وبسبب ما جاء به الإسلام اختفى الرقيق بفضل الله.
  • وكرمها حتى وهي (كافرة) فلها حرية العقيدة، وذمتها المالية المستقلة، وتحتكم إلى شريعتها في أمورها الخاصة، ولها حق في الهدايا والصدقات إحسانًا وتأليفًا لقلوبهم. ووجوب العدل معها، وحرمة ظلمها أو عدم نصرتها، وحرمة مالها ودمائها، وحرم قتل المرأة والطفل في الحرب التي ما يخرج إليها المسلمون إلا لدفع عدوٍ معتدٍ أو لإخراج العباد من عبادة العباد لعبادة رب العباد، ومن جور الأديان لعدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا لسعة الدنيا والآخرة.

ولو أردت ذكر النصوص على ذلك ما وسعها وقت الحوار بيننا. فإذا تتبعتِ – أختي الكريمة – الوحي لوجدتِ عشرات الآيات من القرآن والسنة النبوية الشريفة وتعامل الرسول ﷺ معهن يؤكد على حقوقهن كاملة ويرتب العقوبات على منعها والثواب الجزيل على الإحسان إليها. أنهن كن محط تركيز الوحي حتى أن سورة كاملة نزلت للحفاظ على حقوقهن وحقوق الضعفاء واليتامى. ؛ ولم تنزل سورة واحدة ولا آية مفصلة لأحكام الصلاة وهي عماد الدين! ولما ضرب الله مثلًا للمؤمنين اختار من بين العالمين امرأة فرعون ومريم بنت عمران. وما كان يستحي النبي ﷺ وهو رئيس الدولة والقدوة إذا سئل عن أحب الناس إليه أن يقول اسم زوجته عائشة – رضي الله عنها -!
فأصبحن:

  1.  يرثن بعدما كن هن أنفسهن يورثن كأي عرض مادي،
  2. ويحافظ على عرضهن بعدما كن يُبعن ويشترين ويغصبن على البغاء،
  3. ويُنفق عليهن في كل مراحل حياتهن من أوليائهن، وعليهم إطعامهن وكسوتهن بالمعروف بعدما كن يُمتهن .
  4. وأصبحن يعاملن كملكات متوجات؛ حور مقصورات في حجابهن بعدما كنا مبتذلات يراهن البر والفاجر، ويصيب منهن الصالح والطالح.
  5. ولهن ذمتهن المالية المستقلة؛ حتى لو غنية حقها أن يُنفق عليها وليها ولا يحق له أبدًا التحكم في مالها أو إجبارها أن تنفق منه على نفسها.
  6. لهن حقوق ثابتة محددة واضحة في كل مراحل حياتهن، لا يجور عليها إلا من ظلم نفسه وأهلكها بعصيان ما أمره به الله وله عاقبة الظالمين.
  7. لهن حق الرعاية والحماية وتدبير شؤونهن؛ حتى أن الموت في سبيل المحافظة عليهن يعد شهادة في سبيل الله.

مهما قلت لن تبلغ كلماتي قطرة من محيط تكريم الإسلام للمرأة ومحافظته على فطرتها وما يناسب طبيعتها وتكوينها وخلقتها ونفسيتها وقدراتها؛ ومهما كتبت لن أسبر محاسن التشريعات التي تخصها بقدر قلامة ظفر. هذا غيض من فيض ويمكنكِ معرفة لمحة منه من هذا الملف، والمزيد من هذا الكتاب.


أخيرًا وختامًا:

صالت شياطين الإنس والجن تريد أن تجتال ابنة الإسلام عن مكانتها ومملكتها حسدًا وحقدًا من بعد ما تبين لهم الحق بغيًا أن تنحدر عن منزلتها العلية أو رغبةً في سهولة الوصول إليها والعبث بها كفريسة سائغة على موائد اللئام! ولا ريب أن جحدهم للحق متصور.

لا تعــجــــبن لحســـود راح ينكـرها *** تجاهلا، وهو عين الحاذق الفهم
قد تنكر العين ضوء الشّمس من رمد *** وينكر الفم طعم الماء من سقم

البردة، للبوصيري

لكن ماذا عنكِ يا درة الإسلام المكنونة! أما آن لكِ أخيتي أن تبصري موضع قدمكِ بعدما رأيتِ حال المرأة المزرية في تلك الأمم والحضارات – السابقة والحالية – نسبةً إلى المكانة السامية المرموقة للمرأة في الإسلام! بلى لقد آن؛ ويمكنكِ الآن بوضوح وسهولة – أنتِ وأي منصف – المقارنة بين الحالين لتتبينوا البون الشاسع بينهما!

وشتان بين ماديةٍ أهلكت أممًا *** ونورٍ من مشكاة الوحي أحياها

مروة محمد

والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة.